سعر الأونصة: 12,298.28 ريال سعودي ▼ 0.00% | سعر سبيكة الذهب 100 جرام: 39,539.84 ريال سعودي ▼ 0.00% | سعر جنيه الذهب: 3,163.19 ريال سعودي ▼ 0.00% | سعر جرام الذهب عيار 24: 395.40 ريال سعودي ▼ 0.00% | سعر جرام الذهب عيار 21: 345.97 ريال سعودي ▼ 0.00% | سعر جرام الذهب عيار 21: 345.97 ريال سعودي ▼ 0.00% |
تخطى إلى المحتوى

كيفية استخراج معدن الذهب

استخراج الذهب

الذهب على مر العصور، فانتقلت من الأساليب اليدوية البسيطة إلى تقنيات حديثة معقدة تستخدم آلات ومعدات متطورة.

سنستعرض في هذا المقال طرق استخراج الذهب التقليدية والحديثة، ونشرح مراحل استخراج الذهب من بداية التنقيب عن الذهب وصولًا إلى تكرير الذهب وصب السبائك. كما سنوضح الفرق بين استخراج الذهب من الصخور الصلبة مقابل الرواسب الرملية أو المائية (الذهب الغريني)، إضافةً إلى مناقشة تأثير عمليات تعدين الذهب على البيئة وكيفية إدارة المخلفات للحد من هذا التأثير.

أخيرًا، سنتطرق إلى دور التقنيات الحديثة في رفع كفاءة عمليات الاستخراج، وتقليل التكلفة، وتحسين سلامة العاملين في مجال تعدين الذهب.

الطرق التقليدية القديمة في استخراج الذهب

في الماضي، اعتمد المُنقّبون عن الذهب على طرق يدوية بسيطة وأدوات بدائية لاستخراج المعدن الثمين. من أبرز هذه الطرق طريقة الغربلة اليدوية (Gold Panning)، حيث تُستخدم مقلاة أو وعاء واسع ضحل لغسل الرواسب الغنية بالذهب في مجاري الأنهار وفصل حبيبات الذهب الثقيلة عن الطمي والرمل.

يجمع المُنقّب الرمل والحصى من قاع النهر في المقلاة ثم يهزّها في الماء بحركة دائرية. بفضل كثافة الذهب المرتفعة، يترسب الذهب في قاع الوعاء بينما يطفو الطين والأتربة ويتم تخلص منها. بهذه الغربلة المائية البسيطة استطاع الكثيرون عبر التاريخ جمع شذرات (قطع) الذهب من الأنهار.

إلى جانب الغربلة، استخدمت طرق يدوية أخرى مثل السحق اليدوي للصخور الحاوية للذهب. يقوم المُنقّبون بتكسير الصخور يدويًا (باستخدام مطرقة وإزميل مثلًا) ثم طحنها وغربلتها لاستخراج حبيبات الذهب المختلطة بالصخور. كما استُخدمت أدوات بدائية كالمهد (حوض خشبي يهتز لفصل الذهب) وطاولات الاهتزاز البسيطة لتركيز الذهب اعتمادًا على وزنه النوعي.

هذه الأساليب كانت محدودة الإنتاجية وتتطلب مجهودًا كبيرًا، لكنها شكلت أساس التنقيب عن الذهب منذ الحضارات القديمة. الجدير بالذكر أن بعض المنقبين قديمًا استخدموا الزئبق لالتقاط الذهب فيما يعرف بالمملغم، ورغم فاعلية هذه الطريقة في جمع دقائق الذهب، إلا أنها خطرة وسامة وتترك أضرارًا بيئية وصحية جسيمة.

الطرق الحديثة في استخراج الذهب

مع تطور الصناعة والتكنولوجيا، ظهرت تقنيات حديثة أكثر كفاءة لاستخراج الذهب بكميات كبيرة. من أهم هذه التقنيات التعدين السطحي (المفتوح)، وفيه يتم إزالة كميات ضخمة من الصخور والتربة من على السطح لفتح حفرة منجمية ضخمة (منجم مفتوح) والوصول إلى خام الذهب القريب من السطح.

يُوضح المثال في الصورة أعلاه منجم ذهب مفتوح؛ تبدو على هيئة حفرة واسعة على سطح الأرض يتم تعدينها بشكل تدريجي عبر إزالة الطبقات العليا من التربة والصخور الغنية بخام الذهب. يستخدم هذا الأسلوب عندما يكون الذهب موزعًا بالقرب من سطح الأرض وعلى مساحات واسعة، حيث تُستخدم الآلات الثقيلة (كالحفارات والشاحنات العملاقة) لاستخراج الخام بكميات كبيرة.

أما عندما تكون ترسبات الذهب موجودة في أعماق الأرض داخل عروق صخرية صلبة، فيتم اللجوء إلى التعدين تحت الأرض. تتضمن هذه الطريقة حفر أنفاق وممرات رأسية وأفقية عميقة للوصول إلى امتدادات خام الذهب في باطن الأرض. ينزل العمال عبر مهاوي (أعمدة) رأسية باستخدام مصاعد خاصة، ويتم استخراج الصخور الحاملة للذهب من جدران الأنفاق بواسطة آلات الحفر والتفجير بالمتفجرات، ثم نقل الصخور المستخرجة إلى السطح باستخدام عربات سكك حديدية صغيرة أو سيور ناقلة.

بعد الحصول على خام الذهب سواء من المناجم السطحية أو تحت الأرض، تأتي مرحلة معالجة الذهب لفصل المعدن الخام عن بقية المعادن والصخور. من أكثر الطرق شيوعًا في العصر الحديث هي عملية المعالجة الكيميائية بالسيانيد. تعتمد هذه العملية على تفاعل كيميائي يُستخدم فيه محلول سيانيد الصوديوم لقدرة السيانيد على إذابة الذهب من الخام.

يتم طحن الصخور الحاملة للذهب إلى مسحوق ناعم ثم مزجه بالماء لتشكيل عجينة (ملاط)؛ يضاف إليها محلول السيانيد الذي يتفاعل مع الذهب ويكوّن مركبًا قابلًا للذوبان. لاحقًا يُستخلص هذا المركب للحصول على الذهب. نظرًا لسمّية السيانيد العالية، تتطلب هذه الطريقة رقابة بيئية صارمة لضمان عدم تسرب المواد الكيميائية إلى البيئة.

من التطورات المهمة في تقنيات المعالجة الحديثة هي استخدام طريقة الكربون في اللب (CIP) أو الكربون في الرشح (CIL). في هذه التقنية، يتم إضافة الكربون المنشّط إلى ملاط خام الذهب الممزوج بالسيانيد، فيلتصق الذهب المذاب بجزيئات الكربون المنشط. بعد ذلك تُستخلص جزيئات الكربون المحمّلة بالذهب من الملاط، ويتم معالجتها بشكل منفصل لاستخراج الذهب منها.

تمتاز طريقة الكربون في اللب بفعاليتها في جمع الذهب حتى عند وجوده بنسب منخفضة، كما أنها تقلل من استهلاك المواد الكيميائية لأن الكربون يركز الذهب ويمنع هدره. بالإضافة إلى ذلك، هناك طرق حديثة أخرى مثل الترشيح بالسيانيد على هيئة أكوام (Heap Leaching) حيث يُكدّس الخام على منصات خاصة ويُرش بمحلول السيانيد لاستخلاص الذهب، وهذه الطريقة تستخدم لاستخراج الذهب من الخامات ذات النسب الذهبية المنخفضة. كما يجدر الذكر أنه في معامل الاستخراج الحديثة يتم التخلص من استخدام الزئبق تمامًا والاستعاضة عنه بطرق أكثر أمانًا وكفاءة بسبب مخاطر الزئبق البيئية والصحية.

مراحل استخراج الذهب

إن عملية تعدين الذهب تمر بسلسلة من المراحل والخطوات التفصيلية قبل الحصول على الذهب النقي جاهزًا للبيع أو التصنيع. فيما يلي مراحل استخراج الذهب الرئيسية بالترتيب:

  1. التنقيب والاستكشاف: تبدأ عملية استخراج الذهب بمرحلة التنقيب عن المواقع المحتملة التي تحتوي رواسب ذهبية. يقوم الجيولوجيون في هذه المرحلة بدراسات ميدانية تشمل المسح الجيولوجي والجيوفيزيائي، وجمع عينات من الصخور والتربة لفحصها. تُستخدم التقنيات الحديثة كأجهزة قياس المغناطيسية والكشف عن الشذرات وأحيانًا المسح بالأقمار الصناعية لتحديد دلائل وجود الذهب. عند تحديد موقع واعد، يتم حفر آبار استكشافية (Core Drilling) لاستخراج عينات أسطوانية من باطن الأرض وتحليلها مختبريًا لتقدير تركيز الذهب. إذا أظهرت النتائج وجود خام ذهب بكميات تجارية، تبدأ دراسات الجدوى لتقييم إمكانية إنشاء منجم.
  2. الحفر والتفجير: بعد التأكد من جدوى الموقع يتم الانتقال إلى تطوير المنجم. في المناجم السطحية، يُزال الغطاء الترابي والصخري (إزالة أرضية) حتى露 يظهر الخام. ثم تبدأ عملية الحفر في الصخور الحاملة للخام باستخدام مثاقب ضخمة لحفر ثقوب طويلة وضيقة ضمن الطبقة الصخرية. بعد ذلك توضع مواد متفجرة خاصة في هذه الثقوب وتُفجر بدقة محسوبة فيما يعرف بعملية التفجير. يؤدي التفجير إلى تكسير الصخور الصلبة الحاوية للذهب إلى أجزاء أصغر ليسهل جمعها. في المناجم تحت الأرض، تتم أيضًا عمليات حفر للثقوب في واجهة الأنفاق الصخرية ثم تعبئتها بالمتفجرات لتفتيت الصخور. يتطلب التفجير حسابات هندسية دقيقة لتجنب انهيار الأنفاق ولضمان تكسر الصخور بالحجم المطلوب.
  3. استخراج الخام والنقل: بعد التفجير تتناثر كتل الصخور الحاملة للخام (تعرف بالصخور المفجرة أو خام الخام المكسّر). يبدأ العمال أو الآليات بجمع هذه الصخور碎 – وهي عملية تسمى أحيانًا التطهير والكنس عندما تُجمع يدويًا – ثم نقل الخام إلى خارج المنجم. في المناجم السطحية المفتوحة، تُستخدم جرافات عملاقة لتحميل الصخور على شاحنات نقل ضخمة (قد تحمل كل شاحنة عشرات الأطنان)، ثم تنقل إلى منشأة المعالجة. أما في المناجم تحت الأرض، فيتم جمع الصخور المكسّرة في عربات تعدين صغيرة أو سيور ناقلة تنقلها إلى عمود المنجم لرفعها إلى السطح بواسطة مصعد (قفص) معدني كبير. بعد هذه الخطوة، يتوفر لدينا خام الذهب مختلطًا بالصخور الأخرى في صورة قطع بأحجام مختلفة جاهزة للمعالجة.
  4. التكسير والطحن: تمثل هذه المرحلة الخطوة الأولى في معمل معالجة الخام، حيث يتم تكسير الصخور الكبيرة وطحنها لتحويلها إلى جزيئات وحبيبات صغيرة جدًا بهدف تحرير حبيبات الذهب من الصخور. يبدأ الخام بمراحل تكسير أولي وخشن عبر كسارات فكية أو مخروطية ضخمة لسحق قطع الخام الكبيرة. ثم تُنقل المواد المُكسّرة إلى طاحونة كروية أو مطرقة لطحنها حتى تصبح بحجم الرمل أو المسحوق الناعم. قد تمر عملية الطحن عبر مراحل متعددة (طحن أولي ثم ثانوي) مع استخدام غرابيل ومناخل أو مصنفات حلزونية لفصل القطع حسب الحجم وإعادة القطع الكبيرة للطحن مجددًا. بنهاية هذه المرحلة يكون لدينا خام مطحون على شكل مسحوق مسحوق ناعم (أشبه برمال دقيقة) يحتوي على الذهب مرتبطًا بالمعادن الأخرى. هذا الطحن الناعم ضروري لزيادة سطح تماس المعدن مع محاليل الاستخلاص في المرحلة التالية.
  5. المعالجة واستخلاص الذهب: هذه المرحلة من أهم مراحل العملية، حيث يتم استخلاص الذهب من خامه باستخدام طرق فيزيائية وكيميائية. بعد الحصول على الخام المطحون (مخلوط بالرمال والمعادن)، يُشكل منه ملاط خام بإضافة الماء. تتم معالجة هذا الملاط بأساليب مختلفة اعتمادًا على نوع الخام. في الخامات عالية التركيز بالذهب (مثل بعض الخامات الغرينية)، يمكن استخدام طرق الفصل بالجاذبية كالأحواض والهزّازات أو الطرد المركزي لاستخراج الذهب اعتمادًا على كثافته العالية. أما في معظم المناجم الحديثة، فيُستخدم الترشيح بمحاليل كيميائية، وأشهرها محلول السيانيد كما ذكرنا. يُضاف السيانيد إلى أحواض أو خزانات تحتوي على الملاط، فيهجم كيميائيًا على الذهب ويفصله عن بقية المعادن مكوّنًا مركبات قابلة للذوبان. كثيرًا ما تُضاف مادة الكربون المنشط في الأحواض ذاتها (عملية CIL) أو في خزانات لاحقة (عملية CIP) لامتصاص الذهب المذاب على سطحه. بعد مدة من المعالجة، تُزال جزيئات الكربون المحمّلة بالذهب وتخضع لعملية خاصة لتحرير الذهب منها (يتم غسلها بمحلول مركز أو تسخينها لتحرير الذهب). كذلك قد تُستخدم تقنية استخلاص الذهب بواسطة مسحوق الزنك من المحلول (ترسيب كيميائي) في بعض العمليات. النتيجة النهائية لهذه المرحلة هي الحصول على ركاز الذهب (ذهب مركز) إما على هيئة حبيبات وبودرة تحتوي نسبة عالية من الذهب، أو على شكل طين مركز يسمى “المخلفات الغنية بالذهب”. تجدر الإشارة إلى أن المعالجات الحديثة تحرص على إعادة معالجة المخلفات (الراسب المتبقي المعروف بـ Tailings) لاستخلاص أي كميات ذهب متبقية، إضافة إلى استخلاص معادن أخرى مثل الفضة أو النحاس إن وجدت.
  6. الصهر والتكرير وصب السبائك: آخر مرحلة هي تنقية الذهب الخام وصهره للحصول على ذهب نقي صالح للاستخدام التجاري. يُنقل ركاز الذهب الناتج من مرحلة المعالجة إلى فرن الصهر حيث يتم تسخينه لدرجات حرارة عالية جدًا (أكثر من 1000 درجة مئوية) لتذويب المعدن. يضاف أحيانًا مواد صهارة تساعد على فصل الشوائب (مثل مادة البوراكس التي تجمع الشوائب على السطح). المعدن المذاب يُسكب في قوالب خاصة ليبرد ويتشكل على هيئة قضبان تسمى سبائك دوريه (Doré bars) تحتوي عادة على نسبة ذهب مرتفعة (قد تكون بين 80-90% ذهب والباقي فضة ومعادن أخرى). تُرسل هذه السبائك غير النقية إلى مصافي متخصصة لتمر بعملية تكرير كيميائي وكهروكيميائي تزيل الشوائب المتبقية وترفع نقاوة الذهب إلى مستويات عالية جدًا (عادةً 99.5% أو أعلى وفق معايير سوق السبائك العالمية). بعد التكرير النهائي، يتم صب الذهب النقي في قوالب السبائك النهائية أو تحويله إلى حبيبات Nuggets بحسب الحاجة. السبائك الذهبية الناتجة تكون جاهزة للبيع في الأسواق العالمية أو للاستخدام في تصنيع المجوهرات والإلكترونيات وغيرها.

الفرق بين استخراج الذهب من الصخور الصلبة والرواسب الغرينية

تختلف منهجيات تعدين الذهب باختلاف نوع الترسبات التي يتواجد فيها الذهب. بشكل رئيسي، هناك نوعان من مصادر خام الذهب: الخامات الأولية في الصخور الصلبة (وتسمى أيضًا العروق الصخرية أو رواسب العروق) والخامات الثانوية في الرواسب الغرينية (مثل رواسب الأنهار أو الشواطئ الرملية حيث تراكم الذهب بفعل عوامل التعرية).

يوضّح الجدول التالي أبرز الفروقات بين استخراج الذهب من الصخور الصلبة مقابل استخراج الذهب من الرواسب الغرينية:

وجه المقارنةاستخراج الذهب من الصخور الصلبة (Primary)استخراج الذهب من الرواسب الغرينية (Placer)
مكان تواجد الخامعروق عميقة داخل صخور صلبة في أعماق الأرض.رواسب سطحية (رمل وحصى) في مجاري الأنهار أو على الشواطئ.
طبيعة الخاممرتبط بمعادن وصخور أخرى داخل التكوين الصخري.حبيبات أو شذرات حرة مختلطة بالرمل والطمي الرسوبي.
طرق الاستخراج الأساسيةتعدين صخري: حفر وتفجير للصخور الصلبة ثم تكسيرها ونقلها بآليات ثقيلة.تعدين غريني: جمع الرواسب والغسل بالماء في أوعية أو عبر أجهزة مثل السدود المائية (السلويك) لفصل الذهب.
الحاجة للمعالجةتتطلب عمليات تكسير وطحن ثم معالجة كيميائية (سيانيد/كربون) لاستخلاص الذهب من الخام.غالبًا ما يمكن استخلاص الذهب بالطرق الفيزيائية (غربلة، فصل جاذبي) دون حاجة كبيرة للمواد الكيميائية؛ قد يُستخدم الزئبق في التعدين البدائي (مع أضرار بيئية).
حجم العمليات والتكلفةتُنفَّذ عادةً عبر مشاريع كبيرة وشركات متخصصة؛ مكلفة ومعقدة لكنها تنتج كميات ضخمة – معظم ذهب العالم يأتي من التعدين الصخري.يمكن أن تُنفَّذ على نطاق صغير (يدويًا من قبل أفراد أو مجموعات) أو نطاق متوسط؛ أقل تكلفة وتعقيدًا لكنها عادةً أقل إنتاجية.
الأثر البيئيإزالة كميات هائلة من الصخور وخطر تشكيل حفر كبيرة؛ توليد نفايات سامة (السيانيد، الزئبق إن استُخدم) تتطلب إدارة خاصة.اضطراب محلي لمجاري الأنهار والتربة؛ قد يسبب تعكّر المياه وتآكل ضفاف الأنهار؛ أقل تأثيرًا شاملًا من المناجم الكبيرة لكن لا يخلو من ضرر إذا أسيء الاستخدام.

كما يظهر، الذهب الصخري يتطلب عمليات صناعية ثقيلة ومعقدة، لكنه مصدر غالبية الإنتاج العالمي من الذهب. في المقابل، الذهب الغريني أسهل من حيث الوصول والاستخراج باستخدام الماء والجاذبية، ولذلك كان مصدر الذهب الأكثر استغلالًا في الحقب القديمة وعبر حُمّيات البحث عن الذهب الشهيرة.

لكن اليوم تُعتبر المواقع الغرينية الغنية سهلة الاستخراج أقل توفرًا، وما زال الكثير من إنتاج الذهب يعتمد على التعدين من المناجم الصخرية العميقة.

تأثير عملية استخراج الذهب على البيئة

تخلف عمليات تعدين الذهب بصمات بيئية واضحة تتوجب الاهتمام والإدارة للحد من أضرارها. يعتبر تعدين الذهب أحد أكثر الصناعات تعدينًا تأثيرًا على البيئة في العالم. فيما يلي أبرز التأثيرات البيئية وكيفية التعامل معها:

  • إزالة الغطاء النباتي وتدمير الموائل: إنشاء المناجم، خاصة المناجم السطحية الكبيرة، يستلزم إزالة مساحات شاسعة من التربة والنباتات. يؤدي ذلك إلى فقدان التنوع الحيوي في منطقة المنجم وتدمير موائل الحيوانات. كما تُشوّه الحفر المفتوحة الضخمة معالم الأرض الطبيعية. للحد من ذلك، تلتزم الشركات بإعادة تشجير وإصلاح المناطق المتضررة بعد الانتهاء من التعدين.
  • النفايات الصخرية وتصريف التربة: ينتج عن حفر واستخراج خام الذهب كميات هائلة من الصخور والتربة التي تُصنّف كنفايات تعدين. تراكم هذه الأكوام يمكن أن يؤدي إلى انجراف التربة وتغيّر تضاريس المنطقة. يجب تصميم مكبات المخلفات بطريقة آمنة ومستقرة لتجنب انهيارها. بعض المناجم تستغل هذه المخلفات لردم الحفر وإعادة تشكيل الأرض في إطار عملية الاستصلاح.
  • المخلفات الكيميائية والتلوث المائي: أخطر المخلفات تأتي من مرحلة المعالجة الكيميائية، حيث يُخلَّف وراءها ملايين الأطنان من النفايات السامة سنويًا عالمياً. تحتوي مخلفات مناجم الذهب (المعروفة بـ الرواسب المتبقية أو Tailings) على مواد خطرة مثل السيانيد، والزئبق (إن استُخدم في التعدين الحرفي)، وكذلك معادن ثقيلة سامة كالزرنيخ والرصاص. قد تتسرب هذه المواد إلى المياه الجوفية أو الأنهار مسببةً تلوثًا خطيرًا للمياه يهدد حياة الإنسان والكائنات الحية. تسمى المياه الحامضية المتسربة من المناجم تصريف حامض المناجم، وهي مزيج سام يدمر النظم البيئية المائية إذا لم يتم احتواؤه. لمواجهة هذه المشكلة، تفرض التشريعات البيئية على المناجم بناء سدود خاصة بالمخلفات لتجميع الطين السام وعلاجه. يتم معادلة السيانيد كيميائيًا وتحويله إلى مركبات أقل سمية قبل تصريف المياه، كما تُستخدم مرشحات وحواجز لمنع تسرب المعادن الثقيلة. ورغم هذه الإجراءات، وقعت حوادث كارثية لانهيار سدود المخلفات تسببت في تلويث أنهار بأكملها وموت أعداد من البشر والحيوانات، لذا يستمر الضغط على الشركات لتبني أعلى معايير السلامة في إدارة المخلفات.
  • انبعاثات الهواء والغبار: تؤدي عمليات التفجير والطحن إلى انتشار غبار ناعم قد يحتوي على جسيمات سامة (مثل السيليكا والمعادن الثقيلة)، مما يؤثر على جودة الهواء ويمكن أن يسبب مشاكل تنفسية للسكان والعاملين إذا لم تضبط. كما أن تشغيل الآليات وحرق الوقود ينتج انبعاثات غازات الدفيئة (ثاني أكسيد الكربون) تساهم في تغير المناخ. يجري تخفيف ذلك عبر رش المياه بشكل دوري لتقليل الغبار، وتزويد العاملين بأقنعة وترشيح الهواء في مواقع العمل، وكذلك بالتحول نحو استخدام معدات تعمل بالطاقة الكهربائية أو النظيفة لتقليل الانبعاثات.
  • المياه واستهلاكها: تتطلب عمليات غسل الخام ومعالجته كميات كبيرة من المياه، مما قد يؤثر على الموارد المائية المحلية. كثير من المناجم الحديثة تنشئ أنظمة لإعادة تدوير المياه المستخدمة في المعالجة واستخدامها عدة مرات لتقليل السحب من المصادر الطبيعية. كما تتم مراقبة نوعية المياه الجوفية المحيطة بالمنجم بشكل دوري للكشف المبكر عن أي تسربات كيميائية ومعالجتها فورًا.
  • إعادة التأهيل البيئي بعد الإغلاق: عند انتهاء عمر المنجم واستنفاد احتياطيات الذهب، من الضروري إغلاق الموقع وإعادة تأهيله لضمان سلامة البيئة. تشمل أعمال التأهيل ردم الحفر المفتوحة قدر الإمكان، دعم الأنفاق تحت الأرض وإغلاق مداخلها بشكل آمن، تغطية مكبات المخلفات بطبقات طينية عازلة لتجنب تسرب الملوثات، ثم إعادة نشر التربة السطحية وزراعة نباتات محلية لاستعادة النظام البيئي تدريجيًا. تهدف هذه الجهود إلى إعادة الأرض لأقرب ما يكون إلى حالتها الطبيعية أو تهيئتها لاستخدامات نافعة أخرى (كإقامة حدائق أو محميات طبيعية). تُلزِم القوانين في معظم البلدان شركات التعدين بتخصيص ميزانية وضمانات مالية لتمويل عملية rehabilation هذه قبل منح التصاريح.

باختصار، استخراج الذهب رغم قيمته الاقتصادية الكبيرة يأتي بتكلفة بيئية عالية. لذا تتجه الصناعة حاليًا نحو تطبيق معايير أكثر صرامة في إدارة النفايات وتقنيات أكثر نظافة، مثل البحث عن بدائل للسيانيد (كمواد عضوية أقل سميّة) واستخدام التقنيات الحيوية للتعدين، إلى جانب الالتزام بمبادئ التعدين المستدام الذي يوازن بين الربح وحماية البيئة.

دور التقنيات الحديثة في رفع كفاءة الاستخراج وتقليل التكلفة وتحسين السلامة

شهد قطاع تعدين الذهب تطورًا تقنيًا هائلًا خلال العقود الأخيرة، مما ساهم في جعل عمليات استخراج الذهب أكثر كفاءة وأقل تكلفة وأكثر سلامة للعاملين. فيما يلي أبرز أوجه تقدم التكنولوجيا ودورها في صناعة التعدين الذهبية:

  • الأتمتة والروبوتات في التعدين: أدخلت شركات التعدين معدات وآليات تعمل بشكل آلي أو بالتحكم عن بعد، مما أحدث نقلة نوعية في طريقة العمل. على سبيل المثال، أصبحت العديد من المناجم الكبيرة تستخدم شاحنات نقل ذاتية القيادة لنقل الخام، تعمل بتقنيات الذكاء الاصطناعي دون سائق بشري. كذلك توجد الآن حفارات وماكينات حفر يتم توجيهها عن بُعد من غرف تحكم على السطح، مما يمكّن من العمل في بيئات خطرة تحت الأرض دون تعريض العمال مباشرة للمخاطر. هذه الأتمتة أدت إلى زيادة الإنتاجية عبر تشغيل المعدات بشكل مستمر وبدقة أعلى، كما حسّنت مستوى السلامة بتقليل تدخل الإنسان في المواقع الخطرة. تشير الدراسات إلى أن استخدام التقنيات الروبوتية يمكن أن يقلل الحوادث والإصابات بشكل كبير في المناجم.
  • أنظمة الاستشعار والمراقبة الذكية: تم تزويد مواقع التعدين الحديثة بشبكات من المستشعرات (Sensors) التي تراقب الظروف البيئية والجيولوجية في الوقت الفعلي. على سبيل المثال، مستشعرات لرصد الاهتزازات وحركة الصخور يمكن أن تنبه مبكرًا باحتمال انهيار ما في المنجم، مما يسمح بإخلاء العمال في الوقت المناسب. هناك أيضًا أجهزة قابلة للارتداء يرتديها العمال تراقب المؤشرات الصحية (مثل معدل ضربات القلب) والظروف المحيطة (مثل وجود غازات خطرة) وترسل تنبيهات فورية إذا تجاوزت القراءات الحدود الآمنة. هذه التقنيات عززت سلامة القوى العاملة من خلال توفير إنذار مبكر وحماية أفضل في أماكن العمل الخطرة.
  • الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات: تنتج عمليات التعدين كمًا هائلًا من البيانات يوميًا – من أجهزة الحفر، والمطاحن، والمركبات، وأجهزة الاستشعار المختلفة. تقوم أنظمة الذكاء الاصطناعي (AI) الحديثة بتحليل هذه البيانات الضخمة لاستخلاص رؤى تساعد في اتخاذ قرارات أكثر ذكاءً وسرعة. فعلى صعيد الاستكشاف، أصبح من الممكن تدريب خوارزميات تعلم آلي على بيانات جيولوجية واسعة النطاق (صور الأقمار الصناعية، وخرائط التركيب الجيولوجي) لتحديد المواقع المحتملة لوجود الذهب بدقة أعلى وفي وقت أقصر بنسبة تصل إلى 30% مما كان عليه سابقًا. وفي جانب الصيانة التنبؤية، يتم استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل بيانات أداء المعدات والتنبؤ بالأعطال قبل وقوعها، مما يسمح بإجراء الصيانة الاستباقية وتجنب توقفات الإنتاج غير المخطط لها. هذه التقنيات أسهمت في خفض التكاليف عبر تحسين كفاءة استخدام الآلات وتقليل وقت التعطل وزيادة عمر المعدات.
  • التقنيات الجيولوجية المتقدمة: تطورت أيضًا أدوات التنقيب عن الذهب بفضل التكنولوجيا. على سبيل المثال، يتم استخدام الطائرات المُسيَّرة (الدرون) في مسح التضاريس وأخذ صور جوية تفصيلية لمناطق التعدين، مما يساعد الجيولوجيين على رسم خرائط ثلاثية الأبعاد للمناجم المفتوحة أو دراسة المناطق الوعرة التي يصعب الوصول إليها برًّا. كما تُستخدم تقنيات التصوير الجيوفيزيائي المتقدمة (مثل التصوير الزلزالي ثلاثي الأبعاد وتقنيات الرادار المخترق للأرض) للكشف عن التراكيب تحت السطحية وتحديد امتدادات عروق الخام بدقة أفضل، مما يقلل من الحفر العشوائي ويوجه الجهد نحو المناطق الأكثر احتمالًا لوجود الذهب. هذه الأدوات تسرّع عمليات الاستكشاف وتزيد من فرصة نجاحها، وبالتالي تخفض تكاليف الاستكشاف التي كانت قد تُنفَق على مناطق غير مثمرة.
  • تحسينات في تقنيات المعالجة والاستخلاص: إلى جانب تطوير المعدات، هناك أبحاث مستمرة لتحسين عمليات معالجة خام الذهب نفسها بجعلها أكثر فعالية وأقل ضررًا. مثلاً، تم تطوير طرق الترشيح بالثيوكبريتات كبديل لاستخدام السيانيد في بعض المناجم، وهي طريقة أقل سمية للبيئة. كما يتم تطبيق مفهوم النانو تكنولوجي باستخدام جسيمات نانوية لتحسين التقاط الذهب من المحاليل. بعض الشركات بدأت أيضًا في تجربة التعدين الحيوي (Bio-mining) حيث تُستخدم بكتيريا معينة قادرة على استخلاص الذهب من خاماته أو مخلفاته بطرق بيولوجية صديقة للبيئة. هذه الابتكارات قد تؤدي مستقبلًا إلى رفع كفاءة الاستخلاص وخفض كلفة المواد الكيميائية ومعالجة النفايات.
  • الطاقة المستدامة في التعدين: نظرًا للتكاليف العالية للطاقة في تشغيل المناجم والرغبة في تقليل البصمة الكربونية، تتجه مناجم عدة نحو الاعتماد على مصادر طاقة متجددة. على سبيل المثال، يجري إنشاء مزارع شمسية وتوربينات رياح في مواقع المناجم لتوفير الكهرباء اللازمة لتشغيل المعدات، مما يخفض التكلفة على المدى البعيد ويقلل انبعاثات الغازات الدفيئة. بعض المناجم في أستراليا وأفريقيا بالفعل تعمل جزئيًا بالطاقة الشمسية. كذلك يجري تطوير شاحنات تعمل بالكهرباء أو الهيدروجين لتحل محل نظيراتها العاملة بالديزل، الأمر الذي سيقلل تكاليف الوقود ويحسن البيئة المحيطة بالمنجم من خلال خفض التلوث الضوضائي والغازي.

في الختام، أدت التقنيات الحديثة إلى عصر جديد من التعدين الذكي للذهب، يتميز بتشغيل أكثر كفاءة، وكلفة تشغيلية أقل، واعتناء أكبر بسلامة العاملين والبيئة. وبينما تتجه الصناعة قدمًا، من المتوقع أن نشهد مزيدًا من الابتكارات مثل المناجم ذاتية التشغيل بالكامل التي لا تحتاج لتواجد بشري مباشر، وتقنيات الاقتصاد الدائري التي تسمح بإعادة تدوير مخلفات التعدين لاستخراج معادن أخرى منها.

هذه التطورات جميعها تجعل استخراج معدن الذهب عملية أكثر استدامة ومسؤولية مما كانت عليه في الماضي، دون أن تفقد بريق هذا المعدن الأخّاذ الذي كان ولا يزال رمزًا للقيمة والثراء.