يختلف الذهب المستعمل عن الذهب الجديد في العديد من الجوانب، الأمر الذي قد يؤثر بشكل كبير على قرار الشراء سواء للزينة أو الاستثمار. فمَن يشتري الذهب للاستثمار أو كهدية، يحتاج إلى فهم هذه الفروق لتقييم تكاليفه وقيمته المستقبلية.
بشكل عام، يعتبر الذهب المعدني ذاته غنيًا ومحافظًا على قيمته الجوهرية سواء كان جديدًا أو مستعملًا، لكن الفروق تأتي من عوامل مثل المصنعية (تكلفة التصنيع)، والضرائب، وحالة القطعة. في السعودية مثلاً، يخضع الذهب الجديد من عيارات 22 قيراط (الحلي والمجوهرات) لضريبة القيمة المضافة 15%، بينما السبائك النقية (عيار 24) معفاة ضريبياً إذا كانت نقاوتها 99% فأكثر.
لذا، فهم هذه الفروق يساعد المشتري السعودي على اتخاذ القرار الأمثل عند شراء الذهب في السعودية وتحديد ما إذا كان الذهب المستعمل الأنسب لميزانيته واحتياجاته أو الذهب الجديد.
الفرق في السعر
يعد السعر عاملاً رئيسياً يُميِّز بين الذهب المستعمل والجديد. يأتي الذهب الجديد عادة بسعر أعلى، ويعود ذلك إلى نقاط عدة:
- المصنعية (تكلفة التصنيع): الذهب الجديد يضاف إليه ربح الصائغ ورسوم التصنيع. فعند شراء قطعة جديدة، تدفع ثمن المعدن نفسه بالإضافة إلى قيمة “المصنعية”. أمّا عند بيع الذهب المستعمل، فغالباً ما يُحذف مبلغ المصنعية بالكامل. بمعنى آخر، لو اشتريت سابقًا قطعة ذهب بـ850 ريال شاملة مصنعية 50 ريال/جرام، فإن سعر السوق الحالي للذهب 900 ريال/جرام. عند إعادة بيعها لا تُعاد إليك هذه الـ50 ريال – فيُحاسبك المشتري على 900−50 =850 ريال لكل جرام.
- الضرائب (الدمغة وضريبة القيمة المضافة): في السعودية تُفرض ضريبة 15% على المشغولات الذهبية عند البيع من تاجر مسجل. هذا يعني أن الذهب الجديد غالبًا ما يكون سعره شاملاً لـ15% ضريبة عند بيعه في المحلات. أما الذهب المستعمل، فإذا بُيع من شخص غير مسجل قد لا تُحتسب ضريبة. بشكل مماثل، في مصر مثلاً يتم خصم “الدمغة” وضريبة القيمة المضافة البالغة نحو 6 جنيهات للعيار 18 و8.5 جنيه للعيار 21 عند بيع الذهب المستعمل. ولو طبقنا مثالًا على السعودية، فالذهب المستعمل يجذب عادة رسومًا أقل أو قد لا تُفرض ضريبة إضافية إذا كانت الصفقة خارج سجل ضريبة القيم المضافة (أي من تاجر غير مسجل)، مما يجعله أرخص نسبياً من القطع الجديدة.
- أمثلة توضيحية: لتقريب الصورة، لو كان سعر جرام الذهب في السوق السعودي 400 ريال للعيار 24 (نقي تقريبًا)، فقد تصل المصنعية على قطعة مجوهرات عيار 21 مثلاً 10-15 ريال للجرام، وتضاف عليها 15% ضريبة. في المقابل، الذهب المستعمل (فسيفساء أو حُلي) يُحسب بنحو سعر السوق بدون هذه الإضافات أو مع خصم بسيط. بعبارة أخرى، قد تجد جراماً مستعملًا من عيار 21 يباع بـ360 ريال بينما الجديد بـ415 ريال تقريبا (شاملة المصنعية والضريبة)، وهو ما تؤكده تقارير الخبراء.
الجودة والعيار
الجودة الحقيقية للذهب تقاس بنقاءه (عياره)، وليس بكونه جديداً أو مستعملاً. فالذهب الخالص خالٍ من العيوب المعدنية سواء كان حديث الصنع أو قديمًا. الفرق الأساسي أن القطعة الجديدة عادةً ما تكون أحدث في التصميم وأكثر لمعاناً، بينما المستعملة قد تحمل بعض الخدوش البسيطة من الاستخدام السابق. هذه الخدوش الجمالية لا تقلل من قيمة المعدن نفسه.
- النقاء (العيار): يستخدم عيار الذهب لقياس نسبة الذهب الخالص في القطعة. فالذهب عيار 24 قيراطًا نقاءه ~99.9% (ذو لون أصفر فاتح)، وهو الأرقى والأغلى. أما عيار 22 قيراطاً فجودته ~91.7%، و21 قيراطاً ~87.5%، و18 قيراطاً ~75%. غالبًا ما تصنع المجوهرات الذهبية في السعودية بعيارات 21 أو 22 قيراطاً لمزيجها بين المتانة واللمعان. وعلى سبيل المثال، يقول تقرير إن جنيه الذهب عيار 21 يحتوي على 87.5% ذهب خالص، بينما جنيه عيار 24 يحتوي على 99.9%.
- هل المستعمل أقل جودة؟ لا بالضرورة. فالذهب المستعمل يحمل نفس النقاء الموجود حين كان جديدًا، طالما لم يختلط بمعادن أرخص أو تعرض لمشاكل كيميائية (والذي نادراً ما يحصل لأن الذهب معادن ثابت جدًا). ما يعنيه كون قطعة ما مستعملة هو فقط أنها تعرضت لاستخدام سابق وامتلاك شخص آخر، وليس أن معدنها خُفض نقاؤه. ومع ذلك، يجب فحص الذهب المستعمل من حيث العيار، لأن بعض القطع قد تكون مطعّمة بمعادن أخرى (كما في قطعة مجوهرات منخفضة العيار). لذا يجب التأكد من ختم العيار أو شهادة النقاء. بوجه عام، القطع الجديدة قد تأتي بمعايير أعلى (مثل وجود قطع عيار 24 أو نقوش مصدق عليها)، بينما المستعمل يعتمد على ما كان عليه عند شرائه أول مرة.
إمكانية إعادة البيع
- سهولة السيولة: يبقى الذهب سواء جديدًا أو مستعملًا معدنًا مرغوباً عالميًا، ما يجعل بيعه ممكنًا دائماً. إلا أن الذهب المستعمل يتميز بأنه يمكن تسييله بسهولة دون خسارة كبيرة بسبب المصنعية. فطالما لم تغيّر نقاوته، يمكنك بيعه بسعر السوق المعلن للوزن والعيار دون خصم مصنعية إضافية، مما يجعله استثمارًا مرنًا. إن “سر الأذكياء” كما وصِف في إحدى المقالات هو أن الذهب المستعمل يُباع عادةً بدون تكاليف تصنيع إضافية، في حين عند بيع قطعة جديدة ـ خاصة هُنا في السعودية كقطعة مجوهرات ـ قد يسترجع البائع فقط قيمة المعدن مع خصم ما تم دفعه في التصنيع والضريبة.
- حالة القطعة والتوثيق: تؤثر حالة القطعة على سعر إعادة البيع، فكلما كانت بحالة أقرب إلى الجديدة (خالية من الخدوش العميقة أو التلف) كلما حصلت على سعر أفضل. والأهم من ذلك وثائق الشراء؛ فوجود فاتورة أصلية معتمدة يعزز ثقة المشتري ويزيد من السعر الذي قد تحصل عليه لاحقًا. فكما تنصح المصادر، يجب دائمًا الحصول على فاتورة شراء رسمية موثقة تتضمن وزن القطعة وعيارها وسعرها. فهذه الفاتورة ليست إثبات ملكية فحسب، بل تسهّل أيضًا عملية البيع مستقبلاً وتضمن حقوقك. في غياب الفاتورة، قد يُخصم من السعر بنسب تتراوح، نظراً لعدم إثبات النقاء الرسمي للقطعة.
الاستثمار
في سياق الاستثمار طويل الأجل، تعتبر السبائك الذهبية الجديدة (عيار 24، نقاء ~99.9%) الخيار الأمثل؛ فهي نقية ولا تحمل مصنعية كبيرة مقارنةً بالمجوهرات. هذا يجعل السبائك مثالية كمخزن للقيمة بعيداً عن مخاطر التآكل أو التضخم، مع سهولة تداول في أسواق المال. أما الذهب المُستعمل (مثل القطع النقدية أو الحلي المستعملة)، فهو قد يوفّر نقطة دخول أقل تكلفة للمستثمرين.
إذ يتيح شراءه كمية أكبر من الذهب بنفس الميزانية بفضل انخفاض المصنعية أو انعدامها. وبحسب أحد التقارير، فإن الذهب المستعمل يوفر فرصة تحقيق أرباح جيدة عند ارتفاع الأسعار، وهو خيار مناسب للاستثمارات قصيرة المدى أو للمستثمرين ذوي الميزانيات المحدودة.
كيف يختار المستثمر؟ يعتمد الأمر على هدف الاستثمار ومدى تحمّل المخاطرة. المستثمر الراغب في حيازة ذهب نقي ومستقر لفترات طويلة (مثل الزواج أو الادخار) قد يفضل السبائك والعملات الذهبية الجديدة ذات الشهادات الرسمية. أما من يرغب في تحقيق عائد سريع أو لديه ميزانية محدودة، فقد يلجأ إلى الذهب المستعمل أو حتى كسر الذهب (قطع تالفة)، للاستفادة من انخفاض التكلفة الأولية.
وأيًّا كان الخيار، يجب مراقبة أسعار السوق العالمية بدقة. ففي النهاية، يبقى الذهب السلعة العالمية التي تحافظ على قيمتها مع الزمن، سواء أكان جديدًا أو مستعملاً.
الحالات المناسبة لكل نوع

متى يُنصح بالذهب المستعمل؟ عندما تكون الأولوية هي التوفير المالي أو التنويع بميزانية محدودة. فالذهب المستعمل مثالي لمن يرغب في امتلاك مجوهرات ذهبية بتصاميم قديمة أو كلاسيكية بأسعار أقل، أو للمستثمرين الراغبين بزيادة كميتهم من المعدن بثمن مخفّض. كما قد يكون الخيار الأفضل لمن يبحثون عن قطع ذات قيمة تاريخية أو عائلية (قطع تراثية قديمة)، حيث توفر مزيداً من الشخصية والتاريخ في القطعة.
ومتى يُفضل الذهب الجديد؟ عندما تكون الجودة القصوى والنقاء العالي مطلبًا أساسيًا. الذهب الجديد مناسب للمناسبات الخاصة (مثل حفلات الزفاف أو المواليد) حيث يرغب الناس بقطع جديدة بالكامل وتمنحهم ضمانًا من المتجر. كما يُفضّل الجدد للمستثمرين ذوي الرؤوس المالية الكبرى الذين يسعون إلى شراء سبائك أو عملات ذهبية معتمدة كمخزن قيمة طويل الأجل. وبشكل عام، يختار البعض الذهب الجديد لتصاميمه العصرية ولمسة الصائغ الرسمية على القطعة.
نصائح للمشترين
فحص العيار والنقاء: تأكد دائمًا من ختم العيار المطبوع على القطعة (مثلاً “18K” أو “21K”)، فهو يضمن نقاء الذهب الحقيقي. وإذا كنت تشك في نقاوة القطعة، يمكن الاستعانة بخبير مختبر أو استخدام جهاز كشف العيار للتأكد من المعلومات.
مصدر موثوق وفاتورة رسمية: اشترِ من محلات ذهب معروفة وذات سمعة طيبة، واطلب فاتورة شرائية موثقة تتضمن الوزن والعيار والسعر. وجود فاتورة يزيد من مصداقيتك كبائع لاحقًا ويضمن حقوقك القانونية.
فحص القطعة بعناية: قبل الشراء، افحص الذهب المستعمل بحثاً عن أي تلف أو كسر في الحلي والأحجار المرفقة. تأكد أن الإغلاق (القفل) أو السلسلة سليمان، وأن القطعة نظيفة من الشوائب. حتى لو أردت تلميعها لاحقًا، كلما كانت بحالة جيدة كلما زاد ثمنها.
مقارنة الأسعار: اطلع على سعر جرام الذهب اليومي في السوق السعودي، وناقش السعر مع عدة بائعين لضمان الحصول على أفضل عرض. تذكر أن السعر النهائي في المتجر يشمل المصنعية والربح، فحاول التفاوض بناءً على ذلك.
الامتثال القانوني: تأكد من مطابقة وزن القطعة مع الختم العشري في الفاتورة (لضمان عدم وجود سرقة هالك)، وإذا كان البائع مسجلاً في ضريبة القيمة، فتأكد من أنه يمنحك وصلًا بالضريبة المدفوعة إذا كنت ستبيع القطعة مستقبلاً.
أسئلة شائعة
هل يمكن تلميع الذهب المستعمل ليبدو كالجديد؟
نعم، يمكن تنظيف وتلميع المجوهرات الذهبية المستعملة باستخدام معالجات خاصة أو حتى طرق منزلية آمنة لإزالة الترسبات والخدوش السطحية. قد يعود لمعان القطعة أفضل بعد التلميع، لكن هذا لا يغيّر من نقاوة الذهب أو وزنه. بعض الخدوش العميقة قد تبقى ظاهرة قليلاً بعد التلميع. باختصار، التلميع يحسن المظهر الخارجي لكنه لا يزيد القيمة المادية للمعدن.
هل الذهب المستعمل يُباع بسعر السوق نفسه؟
لا يُباع عادةً على أنه “بسعر السوق الكامل” عدا الذهب الخالص غير المصنع (كالكسر والسبائك). عند بيع الذهب المستعمل (كمجوهرات قديمة)، يخصم المشتري من سعر الجرام مبلغ المصنعية والضرائب التي دفعت عند الشراء. مثلاً، قال تقرير إن البائع في سوق الذهب القديم يخسر مصاريف التصنيع كاملة و6–8.5 جنيهات (أو ما يعادلها بالريال) لكل جرام عند البيع. في السعودية، المفهوم مشابه: ستُسوى القطعة من حيث وزنها وعيارها بالسعر العالمي الحالي، وسيحتسب المشتري مصنعية افتراضية أو هامش ربح ضمن السعر، مما يجعل السعر المعروض للمشتري أقل قليلاً من السعر النظري للذهب الصافي.
بشكل عام، يبقى الذهب المستعمل خيارًا اقتصاديًا مغريًا للحصول على معدن أصفر ثمين بتكلفة أقل، بينما يضمن لك الذهب الجديد أعلى نقاء وضمان على القطعة. المفتاح هو تفضيل ما يناسب ميزانيتك وهدفك من الشراء: زينة فاخرة أم استثمار طويل الأجل.